الجمعة، 4 مارس 2016

تأثراً بميلان كونديرا عن روايته البُطء، أكتب هُنا عن السرعة والعدم!



في هذا العالم السريع حدّ الملل علينا أن نكف عن استهلاك أنفسنا!

يحدث للمرء أن يصبح سريعاً دون وعيٍ وبكل ما تمليه عليه أفكاره بشكل آليْ للانتاج والاستهلاك وبشكل غير معهود للقرون السابقة التي كانت تفترش الحياة على مهل يحدث كل ذلك الآن، فحياة اليوم في القرن الواحد والعشرين محكومة بنتاج الماكنة الرأسمالية، وبنتاج الصناعات الكبيرة ورؤوس الأموال الضخمة، التي تراودنا جاذبية إعلاناتهم من هواتفنا الذكية ، دون أي تفكير أو تمحيص للاحتياجات ، نشعر، نرغب، نريد، نطلب ، والمزيد المزيد نطلب المزيد إلى أن نتملك كل شيء ، حتى أننا نصل لحالة نريد التملّك فيها لبشريّ من جنسنا!

أصبحت الأحكام سريعة، هذا إن كانت موجودة، فالحكم المبدأي تحوّل إلى ردّ فعلٍ أكثر من أن يعطى بسبب ولأجل سبب آخر! ومن هنا بدأ المرء الحكم على جميع الأشخاص والأشياء من حوله كإنه يملكها، كل ذلك لأنه مختال بنفسه، صوّرت له جميع الإعلانات وتلك الإيحاءات أنه يستحق ما لا يملكه، فقد يتذرع بمنصب أو بمال أو بجمال وقد يعطي نفسه مسوغا أو أكثر لأنه يملك الكثير من المعطيات المستحقة والمتفق عليها مجتمعياً!

لا عجب أن هنالك وحوشاً في هذا العالم يلبسون البدلات وربطات العنق أو التنانير القصيرة، أو حتى لباس الشيوخ والبابوات ممن يسوغون لأنفسهم أن يكونوا محط الأنظار أصحاب تبجح وهذيان نفسيّ بذواتهم، كل ذلك لأنهم وصلوا لمنصب يستقي معناه من المبلغ الذي يتقاضاه صاحبه وليس من نتاجه السليم!


ذات مرة قيل لي أن من لا يصنّف نفسه، فهو حتماً مصنّفٌ ضمنياً في خانة اللامصنّفين وأضحكني عقلي كما لو أنني ضُربت على رأسي وانتشيت بهذا القول، ولذلك فأنا مع توجه : أننا كلنا ننتمي إلى جماعة ما في مكان ما شئنا أم أبينا!
البغيض هنا أن بعض من الجماعات تحب خلق الأصنام لأفرادها أو لمُريديها إن صح القول! وأنا أريد أن أحطم هذه الأصنام، تلك التي صنعها بشري لآخر،  والتي تجعل منا أضحوكة لأجيال بعيدة من هنا، تحوّل أنفسنا لتوابع كما لو أننا خُلقنا من العدم -وهذا شأن آخر- وها نحن قد استنفذنا أنفسنا بالتسيير : أنت صاحب نفوذ، أما أنت عبد!

نفعل كما تفعل البنوك بنا ، التي تخلق مالاً من العدم ثم نقترض منها مالاً غير مملوك لأحد! ثم ندفع للبنك أعمارنا وشقاؤنا وكل ذلك ليس ملكا له! ومع ذلك نرهن أنفسنا كما لو كنا نسير إلى العدم حقاً بفارق واحد : نحن لا ندري!

إنها أنظمة بالية نستطيع الاستغناء عنها، لماذ؟
لأننا نصنّف الآن كأشخاص باليين ، لا يحين موعد القطاف إلا إن تجرّعنا نظرية العبودية المختزلة في لا وعينا ومغلفة بطريقة عصرية
" اشتري مغامرتك واهرب إلى لاس فيغاس حيث سيكون هناك المزيد من الهروب!"
ولأننا أصبحنا عدميون دون أن ندرك ذلك، باتت فكرة الموت قاهرة للحياة ولا نفكر فيها إلا بأنها عدم الوجود، دون أن ندرك أن الموت هو ما يعطي للحياة وجوداً وجوهراً أكثر بكثير من الأبد الذي يستحكمه النظام الرأسمالي في أمواله التي لن تنضب أبداً!

الثلاثاء، 7 يوليو 2015

أفكار حول رواية سبوتنيك الحبيبة | هاروكي موراكامي




لأنّ الخيال هو الهبة الحقيقية التي ستمكنك من إكمال قراءة هذه الرواية..
هذه هي الإجابة لسؤال : لماذا عليك أن تضع جانباً هذه الرواية بالذات ؟


الرواية استثنائية ..
إنها المرة الأولى التي أقرأ فيها لموراكامي، نعم .. حينما شعرت بالوخزة اللذيذة التي ترافق غرائبية الشعورالأول لتجربة كل شيء في هذه الحياة، تأكدت أنها ستتمكن من سحبي نحوعوالم عجيبة ومستفزّة، وفعلاً انهيت قراءتها بنهم ليلة واحدة.

لا أحب سرد القصة الآن فأنا لا أريد العودة للواقع الرتيب بعد أن تأثرت بـ سبوتنيك الحبيبة أي "رفيقة السفر" ، فالواقع يبدو الآن ككرة قد تسقط على الأرض فتنفجر منها كل ذرات أحلام البشرية ، لتصبح الحقيقة حلماً كبيراً خارقاً للطبيعة يتسّع للجميع في عقل موراكامي.


ما يهمّني الآن هو التحدث بلا تفكير، بسرعة كبيرة ، وبصوتٍ عالٍ :

ذاكرة القطة ضعيفة جداً تخرج هائمة ولا تعرف كيف تعود الى البيت، لكنها تألف أي شخصٍ قد يعطف عليها، وهي متنمرة، غامضة، هادئة احياناً وشرسة عند الخوف، في تلك الليلة الفضية –سوماير- القطة السيامية .. كانت ترتجف خوفاً بللت ملابسها وهرعت إلى ميو تستجدي الحب العميق الذي سيخلّصها من مواء الحيرة الذي جرّها كل ليلة إلى الكتابة على نحوٍ لم تعرفه في نفسها من قبل، ولا تعرف من أين أتتها كل تلك القدرة على الكتابة في هذه الجزيرة اليونانية الغريبة عنها، الجزيرة التي وجدت ذاتها البريّة فيها والتي مكّنتها من السباحة على شاطئ العراة مع حبيبتها السرية ، فجعلتها أقرب إليها روحاً وجسداً وأثيراً .. إلى أن قرر الجميع أن عليها الاختفاء!

تلك اللحظة التي ابيضّ فيها شعر ميو وانقسمت حياتها الى نصفين "تعذّبت قطط العالم كلّها" وتحوّل مشهد ذاك الغريب الذي تموء منه وتعتصر، إلى هواء باردٍ يضرب ساقيْها ويلسع أكتافها ليثلج الخوف على شعرها الأسود .. إلى أن قرر الجميع أن عليها السقوط !


الخوف .. تلك السلسلة العنيفة من الوهم والأحلام والرعب الميتافيزيقي الذي جعل شخصيتين من شخوص هذه الرواية تدرك ذاتها البرية دون ان تنقذها أو أن تحاول إنقاذها حتى بعد أن جرّبت الخوف لأول مرة دون أن تدرك!
الخوف الذي يصنع الشخصيات المتناقضة في داخل كل من العالم الروائي والواقعي..
الخوف من الحياة، الخوف من الرفض، الخوف من التقدّم، الخوف من الضحك، الخوف من البقاء، الخوف من المجهول، الخوف من الأنا..

| الخوف الخوف الخوف |


الرواية استثنائية لأنها مجرّد سؤال ضخم، قذر، نتن، وهائج عن هذه الحياة في الفضاء اللامتناهي، سؤالٌ عن لايكا الكلبة التي غادرت الغلاف الجوي ولم تعد أبداً، عنا نحن الذين تركنا حقيقتنا، عنك أنت الذي تُهتَ عن ذاتك البرية وعني أنا.. أين نحن .. أين أنا؟





إلى محمود درويش في مأساة النرجس ملهاة الفضّة

هذا الرجل السرمدي
قائد الحكاية الأولى في التاريخ
وراوي الأمجاد والخيبات
مُطلقَ الخوف والجنون
المتحالف مع اللغة
المنتصر مع القافلة
أصلي الإبداع ..
فيه من الفضاء ما يجعل الإنسي ملاكاً
يشعّ شمساً
يقطُر غموضاً
يلمعُ قوّة
يهبط بنا بالمكان .. يرتفع بنا بالزمان

***

لو كان الذي كتبته يا محمود قد نفخ في الصور
لتوحدت الأرض المستديرة لتستوي
لابد من حبّ خارق بين عشيقين أنت ثالثهما
لتعيدهما من حيث بدأ الحبّ من الحرب إلى الهوى
ثم تموت لتبعث من جديد بشعرٍ يلقي كل سكان هذا الكوكب
إلى سلّة الجنة .. إلى كفّ الرب .. إلى رائحة يد حبيبي

 ***

أيتها اللغة أعيديني إلى قاع البحر
كي أمسك الاسفنج وأعصره
في النهر الجاري
أيتها اللغة دعيني أجعل هذا الماء مالحاً
قبل أن يبكي الجميع هذا الشعر الملحمي
قبل ان يصنع البشر آلة لقص النهر
ليلصقوه في الشوارع المنفية
التي مشى فيها
كل
الضائعين
هنا
وهناك
باحثين
عن ذاك النرجس



كتالوج ق 308




الجمال نقمة
الجميلون كلهم مذنبون بحق القبحاء
لأنهم لم يعودوا يعرفون أي حلاوة لكون النفس أجمل بكثير من تبجحهم!
ولأنني أؤمن بما قيل: " الجمال بعين ناظره" ليس أكثر من ذلك حقاً!
أما القبيحون هم أشباه أناس تحولوا إلى نفسيات عنيفة سلبية ومؤذية بحق كل إنسان!
ما الجمال أيها العاديون ؟
شفاه مكتنزة عيونٌ حادة أنف مصقول وجسم منحوت لفتاة تعرف كيف تأكل السوشي أو تمشي الهوينا؟!
أم هي عضلاتكَ المفتولة، معدتكَ المسطّحة وشعركَ المصفف بمثالية !
لا بد من أنها ضحكة مصطنعة دُفع ثمنها بالتقسيط عند طبيب الفيسبوك "الجميل جداً حتى السلفي الأخير"!

كلها لعنة الأوصاف والمظاهر . .
لعنات لأولادٍ نسوا وصف الرجولة واكتفوا بالبنطال ذو قصة الأرداف المريحة والمثيرة!
لعنات لبناتٍ نسوا وصف المرأة واكتفين بلعقِ آثار قلم الحمرة!

 والآن! أتذكر نفسك حين كنت طفلاً تنظر في المرآة .. ؟


المهم .. دعني أميل نحو أفكاري الغاضبة:

الجمال الذي يعيش الصّعاب .. نقمة!
كأن تكون امرأة لاقت حتف ذاتها في نشوة مريضة لرجل قبيح جداً بأوصاف حيوانية .. كل ذلك لأنها "جميلة كالدُمى" في عينيه!
أو كأن يعمل القانون الوضيع على خرس البنات .. لأنهن جميلات رقيقات متمنّعات حدّ الاغتصاب!
نعم .. إنهن كذلك! جميلاتٌ لدرجة أن يكنّ مدرجات ضمن كتالوج للزواج الدنيء تعنيفاً لهنّ وتتويجاً للذكورة المريضة اللعينة!

308 
كلّما نظرت إلى هذا الرقم يخيّل إلي بأنه رقم لغرفة في فندقٍ يسكنه العاهرون ويطالبون بالمزيد طوال مدة الإقامة أو لنقل طوال مدّة وجود هذا القانون القذر في التشريع الأردني.. يقول اللسان بعين دامعة  "عجزت عن تفسير المعنى لكل ما يحدث بعدما عجزتُ عن لفظ كلمة : شششش ررررر ففففف في وجوهكم"

صوتٌ ما يحدثني أنّ كل من تأذى كان جميلاً يوماً ما ..
قبل أن يوسوس الشبح القبيح في أذنه :
" أنت رقم .. ليس إلا!"

هوَ ذَنبُ المخيّلة الفاسقة!

كإني لم أزل أعرف كل شيء عنك
وخنتك في سؤالي عن هذي الحياة في تلك الأحلام .. أحلامك أنت!
فلا تلمني ...
كان حلمك الأسطوري يخضعني كي أكون صاحبة الذنب
وأنت المُشاهد المتفرّج والمحدّق في سيناريو بطوليّ بأن لا أكون كما أنا في يومك الواقعي ..  وفي يومي!
لا لوم على أحد .. هوّن عليك .. هو ذنب المخيلة الفاسقة


كنت ترى تلك العيون تلوح في الأفق والرجال ترافقني
كأن نومك مسبوقٌ بلعنة مخيفة من شأنها ان ترغمك على الكذب على حلمك ..
 أو أنها على الخيانة سترغمني!
وسقطتّ – رغماً عنك- في عجز الحلم عن قول الحقيقة .. أما في واقعي فقد علَوت
وفي كتاباتي .. بأكمل الشخصيات تشكلت!

***

يا له من مغفّل تقول روايتي الأولى هذا عنك..
روايتي تتحداني بأن تكون البطل الأول المغفل الذي فكّر بأن النور قد يخون الشمس فلا يضيء القمر !
فيتوه الجميع ويقمّر الحب ويضيع للأبد..


يتحدّث نصي المبتور عنك بصوت عالٍ في حوارٍ بين أختين تغاران من دلال والدهما للأخت الثالثة :
تقول البنت الاولى : لو انها كانت ولداً لأحبني والدي أنا أكثر منك أيتها المعتوهة
فتشير البنت الثانية بالسبابة على الشفاه : ششش.. لو كانت أختنا الثالثة ولداً لما جئتي أنتي منذ بداية الأمر!

ثمّ ينادي الأب : المجد لابنة الغجرية رحّالة في حب والدها بلا مقابل ، تهوى الشعر و تعيش الهوى!


أما شِعري .. فيقول عنك الحقيقة أكثر من أي كلام أو أحلام :
يحتمي قلبي في دروع الصمت
 يحتمي الهوى من أحلامك
أعلن عليها الحرب والموت
حتى يصير العشق قداساً ملكوتياً .. يتلوه سجان أوهامك





الاثنين، 4 أغسطس 2014

على السطر

الفتاة (ج)
تشعر بالنعاس لأن قليلاً من المطهّر لم يوقظك
والكثير منه جعلك في حالة سُكر
نَم ..نَم على سجيّتك أيها الظنّ
سيعود بي القلم إلى خط النسخ ذات يوم
وحينها سأعيد طفولتي كما كانت
واضحة
بهية
شهية
منقّطة
مخربشة
مرتاحة
وعلى السّطر
لا تريد أن تكبر ..  ولا تنتظر ان تكبر .. تريد فقط أن :
تقلّد الكبار!
في الصحوِ في الخير في الحبّ كانت :
"كانت توظّف الحبّ في البحث عن مغامرة بين شجرتين إحداهما يتحلق حولها النمل ليصل إلى خبزة يابسة ، فتقرّب طعامه إلى وكره ، لتختصر الطريق عليه ، وتستند هي إلى الشجرة المحاذية..
حتى تُقرص!"
واليوم لا اشجار هنا .. ولا أوكار ولا ملاجئ ومازال شعور القرص يدوي فيّ
في الوطن ينامون هم على شهقات أطفالهم
وفي الشتات ننام على شهقات عقارب الساعة
وسن فاضح .. يقلب جفن الأرض بلا نوم
الحكاية طويلة والعجز واضح
لأشعر انا ايضا بالنعاس وأرتاع لذلك كثيراً :
أنا لا أرض لي وطُهرك مغشوش
نم على سجيتك أيها الظن
مغشوش ملعون محتال وضيع وكبيرٌ ..
كبير جدا .. حد الهرم!

السبت، 19 يوليو 2014

بصيرة

ما هذا؟
صوت خافت
من أي يأتي؟
من الداخل .. حيث الأنا تنبض والكراسة تتلون بالمخيلة
والجحيم؟
الجحيم تتقلص فوهته
من يرسم .. من يلون؟
الصوت الخافت ذاته
هل المكان معتم من حيث أتى؟
لا الصوت ملون يسل حد القلم من البصائر